يزداد يوماً بعد يوم عدد الأشخاص المصابين بالإرهاق. والإرهاق هو الشعور بالتعب من الصباح الباكر فور الاستيقاظ من النوم وحتى المساء عند الخلود مجدداً إلى السرير. كشفت الدراسات العلمية الأخيرة الأسباب الكامنة وراء هذه المشكلة المزعجة والتي يمكن اعتبارها مرضاً حقيقياً.
على رغم نومك لساعات طويلة في الليل، تشعر بتعب كبير فور الاستيقاظ من النوم صباحاً. ويترافق هذا التعب أحياناً مع أوجاع غير مبررة تنتقل من ناحية إلى أخرى في الجسم، فينتابك الإحساس بالألم في القدمين مع بزوغ الفجر ووجع قوي في الظهر عند شرب الشاي أو القهوة.
لكن الأطباء يقولون إن هذا طبيعي! ولا علاقة له أبداً بالاكتئاب أو مشاكل القلق.
أسباب الإرهاق::
ثمة فرضيات عدة كامنة وراء الأسباب المحتملة للإرهاق، نذكر في ما يلي أبرزها.
جهاز المناعة::
حين يعمل جهاز المناعة بإفراط ويتفاعل بقوة مع أي شيء، يحتدم نشاطه ويتعب من دون أي حاجة. وقد تكون هناك علّة في برمجة الدفاعات المناعية، بحيث يحارب جهاز المناعة أمراضاً وهمية بإفراز كمية مفرطة من الانترلوكين 1، الجزيئة المنظمة للمناعة.
فيروس صامت.::
كما هي الحال في داء وحيدات النواة (mononucléose) وداء القوباء الجلدي (herpès)، يمكن للفيروس المسؤول عن التعب المزمن أن يبقى مخفياً في الجسم طوال أعوام أو أشهر عدة قبل أن يظهر فجأة وتصبح الأعراض حينها جلية.
النوم المضطرب وراثياً::
تشير الدراسات إلى أن 92 في المئة من المصابين بالتعب والإرهاق ينامون بشكل سيء. وتتمثل نتيجة ذلك في حصول خلل في إعادة شحن الخلايا العصبية "كهربائياً". ما معنى ذلك؟ لكي تعمل الخلية بصورة طبيعية وتوصل معلوماتها إلى الخلايا العصبية، تحتاج إلى 70 ميليفولت على الأقل. وفي حال عدم توافر هذه الكمية من الطاقة، ترسل الخلية خطأ إلى الدماغ رسالة ألم، فنشعر حينها بالوجع. لكن إحذر تناول مضادات الاكتئاب المتوافرة على شكل حبوب منوّمة لأنها تقمع النوم البطيء العميق وتصبح بالتالي مؤذية للنوم بدل أن تكون مفيدة له.
انعكاس هرموني غير ملائم في مواجهة التعب. بدل زيادة إنتاج الكورتيزول في الدم، أي الهرمون ذي الخصائص المضادة للالتهاب التي تتيح للجسم التكيف مع التوتر، يخفف الجسم إنتاجه لهذا الهرمون. واللافت أن هذه الحالة تحصل خصوصاً بعد الصدمات والانفعالات العنيفة.
سبل المعالجة::
إذا كنت تعاني من التعب المزمن، راجع طبيب العائلة أو طبيب الصحة العامة. فالطبيب يفحص كل جسمك ويسألك عن أحوالك وأسلوب عيشك وظروفك الاجتماعية والمعيشية بحيث يتمكن من تحديد إطار معين لوضعك. ويتمكن الطبيب حينها من كشف أمر قد غفل عن بالك، مثل إصابتك بخلل في عمل الغدة الدرقية، أو بالتهاب في الكبد، أو إصابتك بفيروس استوائي بعد زيارتك السياحية الأخيرة. وقد يسجل الطبيب نومك لتحليله ودراسة أطواره.
قد يصف لك الطبيب أدوية مسكنة للألم، وربما أيضاً بعض العلاجات الخاصة بداء الصرع حتى لو كان الإرهاق غير مرتبط البتة بهذا المرض. فهذا النوع من العلاجات ينظم سرعة الحركة العصبية بين نقاط الاشتباك العصبية في الدماغ. وبالترافق مع هذه الأدوية، تبرز الحاجة طبعاً إلى الراحة والاسترخاء وتعزيز الجسم بمجموعة منوعة من الفيتامينات والمعادن التي تعوّض عن أي نقص حاصل وتفيد بالتالي الجسم والعقل على حد سواء. .