تمثل الإبل قيمة اقتصادية كبرى في القديم والحديث. فهي بجانب استخداماتها
المتعددة سواء في القوافل أو الحروب....، ظلت تقدم فائدة اقتصادية لا تنكر،
حليب الإبل:
يعتبر الحليب أهم منتجات الإبل وهو يستخدم في تغذية مختلف فئات البدو
والفلاحين، وتعتمد عليه شعوب آسيا الوسطى إعتماداً كبيراً في تغذيتها، وهو لا
يقل جودة عن حليب الأبقار إن لم يكن أفضل منه في بعض النواحي. وكان الغذاء
الرئيسي للإنسان العربي على مر الأزمان.
تنتج أغلب الإبل الحليب ولكن اتفق المربون على أن المجاهيم السود (الصهب أو
الملح أو الزرق) تعد أجود أنواع الإبل أدرارا للحليب في المملكة. وهي إبل
كبيرة الحجم جميلة الشكل. وتشير الدراسات الميدانية لزايد وآخرون إلى قدرات
عالية للإبل على إنتاج الحليب تراوحت ما بين 3إلى25لتراً في اليوم في المراعي
المروية وما بين 3إلى15لتراً في اليوم تحت ظروف الصحراء بمتوسط إنتاج يومي
للنوق من الحليب 4.7إلى 7.10لترات في اليوم الواحد.
وصف حليب الإبل:
حليب الإبل أبيض اللون، ويتباين مذاقه من الحلو إلى الحاد والمالح حسب عمر
الناقة ومرحلة الإنتاج ونوع العلف وطبيعة ماء الشرب. ويسمى الحليب حين حلبه
مباشرة من ضرع الناقة بالحليب السخن وهو حليب ترتفع فوقه الرغوة، ورغوة حليب
الإبل لذيذة جداً. وحليب الإبل يشرب حاراً أو بارداً وليس له زبد كحليب البقر
والغنم ولكن به دهن يسمى جبو ينوب مناب الدهن وهو أخف من السمن.
يقول البدو أن حليب الإبل يدخل ولا يُدخل عليه. أي أنه يغني عن غيره من الأغذية
التي لا حاجة لها بعد تناوله.
تركيب حليب الإبل:
لقد لاحظ البحاث أن محتوى الحليب من سكر اللاكتوز والأملاح تتحكم بدرجة حلاوة
الحليب، فعندما يكون سكر اللاكتوز 5.8% يكون الحليب حلواً وعندما ينخفض إلى
4.2% يكون مائلاً للملوحة. أما المحتوى الملحي لحليب الإبل فيعتمد في الحقيقة
على كمية ماء الشرب الذي شربته الناقة ومرحلة إنتاج الحليب ويتراوح ما بين 0.
6- 0.8%وقد ينخفض إلى 0.25% في النوق العطشى والتي يكون حليبها مالحاً نتيجة
زيادة تركيز كلوريد الصوديوم وأنخفاض فوسفات الكالسيوم والمغنسيوم.
تنخفض نسبة الماء في حليب النوق حيث تصل إلى 84% في الظروف الطبيعية من توفر
ماء الشرب. بينما تزيد نسبة الماء لتصل إلى 91% في حالة شح الماء وعدم توفره
للأبل. وتعد هذه أحد مميزات الأبل في تأقلمها مع الظروف الصحراوية القاسية
وضرورة توفير غذاء لمواليدها بأستمرار. ويعود إنخفاض نسبة المواد الصلبة لنقص
تكوين الدهن من 2.4% - 1.1% في حليب الأبل العطشى. الحكمة من ذلك أنه عندما
يكون الأعراب في البراري بعيدين عن موارد المياه، يجعل الله حليب الإبل خفيفاً
وكافياً لهم عن شرب الماء. وعندما يكون حول موارد الماء فيكونون بحاجة إلى
الطعام فيجعل الله عز وجل الحليب طعاماً.
يتميز دهن حليب النوق باحتوائه على نسبة منخفضة من الأحماض الدهنية غير
المشبعة مقارنة مع حليب الأبقار. مع ارتفاع في نسبة حمض اللينوليك الدهني
المهم في تغذية الإنسان.
يعتبر حليب الإبل غنياً بفيتامين ج حيث قدر بثلاثة أضعاف محتواه في حليب البقر.
كما لوحظ زيادة نسبة فيتامين ب 1وب 2في حليب الإبل مقارنة بحليب الضأن
والماعز، وتعد هذه خاصية مهمة لأبناء الصحراء الذين لا يستطيعون توفير
احتياجاتهم من هذه الفيتامينات من الخضر والفواكه لقد وجد أن نسبة الكازين في
حليب الإبل تصل إلى 70% من البروتين، مما يجعله سهل الهضم والامتصاص إلى 80%.
وقد كشفت بعض الدراسات أن نسبة الدهون في حليب الإبل أقل منها في حليب الأبقار وان حبيبات الدهن أقل حجماً من حبيبات دهن
الأبقار مما يجعلها سهلة الأمتصاص والهضم. بالإضافة إلى ذلك وجد أن حليب الإبل
تحتوي على مواد تقاوم السموم والبكتريا والفطريات ونسبة كبيرة من الأجسام
المناعية المقاومة للأمراض. وبالأخص للمولودين حديثاً. لقد اثبتت الدراسات أن
حليب الإبل يحتفظ بجودته وقوامه عند درجة حرارة 4م لمدة 12يوماً وأكثر من
48ساعة في درجة حرارة الغرفة. في حيث يفسد حليب الأبقار خلال 36ساعة عند درجة
4م وبعد 12ساعة في درجة حرارة الغرفة العادية، ويعود السبب في ذلك إلى احتواء
حليب الإبل على مواد توقف نشاط البكتريا المخمرة لسكر اللاكتوز، ولهذا يلاحظ
أن معدل الزيادة في حموضة حليب الإبل بطيء. يحتوي حليب الإبل على الأحماض
الأمينية الهامة مثل الميثايونين والفالين والأرجنين والليسين والفنيل الانين.
كما يحتوي نسبة عالية من الألبيومين والجلوبولين.
فوائد حليب الإبل:
استخدم حليب الإبل كعلاج لكثير من الأمراض فقد استخدم الإنسان العربي حليب
الإبل لمعالجة مرض الصفار الكبدي، وفقر الدم، والسل وأمراض الشيخوخة وهشاشة
العظام، والكساح عند الأطفال، ومسهل وبالأخص عندما يشرب حاراً ولأول مرة،
ولعلاج الزكام والأنفلونزا والحمى والتهاب الكبد البائي، والاستسقاء
والأمراض الصدرية كالدرن والربو وكذلك الأمراض الباطنية كقرحة المعدة والأثنى
عشر والقولون، والاضطرابات الهضمية، ومخفض للسكر والضغط، ومنظم لضربات القلب
ومعدلات التنفس وضربات الشمس. وقد أظهرت دراسة عمانية تفوق حليب الإبل في علاج
التهاب الكبد المزمن مقارنة باستخدام حليب النوق لعلاج الاستسقاء واليرقان
ومشاكل الطحال والدرن والربو وفقر الدم والبواسير وقد أنشئت عيادات خاصة
تستخدم فيها حليب الناقة لمثل هذه العلاجات. وفي دراسة على سكر الدم قامت بها
طالبة تحضر لدرجة الماجستير بجامعة الجزيرة بالسودان حيث جربت لبن الإبل على
معدل السكر في الدم فاختارت عدداً من المرضى لأجراء تجربة عملية استغرقت سنة
كاملة وقد قسمت المتبرعين إلى فئتين تناولت الفئة الأولى جرعة من لبن الإبل
بمعدل نصف لتر يومياً على الريق. أما الفئة الثانية فلم تتناول أي شيء. وعند
نهاية الدراسة أتضح أن نسبة السكر في الدم انخفضت بدرجة ملحوظة وسط أفراد
الفئة الأولى مقارنة بأفراد الفئة الثانية. وقد أثبتت تلك التجربة مدى تأثير
حليب الإبل في تخفيض نسبة سكر الدم.
وفي دراسة حديثة أجريت في الهند ونشر نتائجها في مجلة (Mer Medicus2004) أتضح
فيها أن حليب الإبل حسن التحكم في مرض السكر المعتمدين على الأنسولين. وقد
قامت الباحثة أماني عليوي الرشيدي في رسالتها للحصول على درجة الدكتوراه من
جامعة الملك عبدالعزيز أن حليب الإبل أستخدم في علاج مرض السرطان وقد تم في
البحث حقن فئران التجارب بمواد مسرطنة ثم تم تغذية بعض الفئران بحليب الإبل
وإعطاء البعض الآخر علاجاً كيماوياً. وفي نهاية الدراسة أتضح أن الفئران التي
غذيت بحليب الإبل تحسنت حالتها إلى درجة قريبة من الفئران التي عولجت بالدواء
الكيماوي، فيما كانت أفضل النتائج في الفئران التي عولجت بالدواء الكيماوي
حيث يستفيد المجتمع بحليبها ولحمها ووبرها وجلدها وحتى ابوالها ودمنها.
وحليب الإبل في وقت واحد.[/FRAME]