الانتحار ... داء أم دواء!
قد يحدث أن يزهد إنسان ما في حياة الواقع، ولا يعود يقدر على تحمل مسؤولياتها وضغوطها، فتحس نفسه بالانكسار الذي يؤدي إلى البؤس المفرط والقنوط، وتكون النهاية أن يلقي بهذه النفس الزاهدة إلى عالم المجهول حيث اللاعودة.
والانتحار من حيث التعريف هو: قتل النفس بطريقة متعمدة، حيث يقول ابن منظور في لسان العرب: انتحر الرجل أي نَحَر نفسه، النَحَر هو الصدر، ونَحَر الرجل البعير نحراً أي طَعَنه في منحره حيث يبدو الحلقوم في أعلى الصدر.
وتعتبر قضية الانتحار ظاهرة نفسيه اجتماعية أدبية بيولوجية، هذه المشكلة قديمة قِدم البشرية، وكان الفلاسفة اليونانيون وعلى رأسهم (طاليس) يعتبر الانتحار عملاً غير أخلاقي يضر بالمجتمع والعائلة، وهذه المشكلة ما زالت ترافقنا حتى يومنا هذا. والدراسات الحديثة تفيد أن نصف مليون شخص يموتون سنوياً من العالم نتيجة الانتحار، بمعدل منتحر لكل دقيقة تمر، وهو ثالث سبب للوفاة بعد مرض القلب ومرض السرطان.
التفسير الفلسفي والنفسي للانتحار
وبما أن الانتحار يمثل قمّة المأساة الإنسانية حيث يحرم المجتمع من أصحاب القدرات الممتازة وخاصة من فئة الشباب؛ فقد حاول العلماء والأطباء النفسيون تفسير هذه الظاهرة بقولهم: إنها جاءت نتيجة موقف يحد من مجال شعور الفرد المنتحر لدرجة فقدان الانتباه للحياة ذاتها، وعند ذلك يحدث انهيار عضوي، وتصبح المراكز العصبية العليا غير قادرة على الضبط أو الاستجابة إلى المثيرات، فيفقد الفرد القدرة على التخيّل، وتكون النتيجة شلل القدرة الذاتية السّوية في مواجهة مشاكل الحياة. وتؤكد المرشدة الاجتماعية إيمان أبو الروس في لقاء أجريناه معها: "بأن لقضية الانتحار أثرين: أحدهما نفسي والآخر اجتماعي؛ فالأثر النفسي يتمثل في إحداث هزة قوية في النفوس وخلق نوع من القلق والخوف وعدم الشعور بالأمان، وأما الأثر الاجتماعي فيتمثل في انتشار الإشاعات والقصص المختلفة مما يؤدي إلى عدم الإحساس بوجود الأمن الاجتماعي".
وقدسألنا عدة أفراد في هذا المجتمع!!!!!
ومن اهمهم......
الدكتور:::السبيعي
ماهي الأسباب التي تدفع إلى الانتحار؟؟؟؟
وقد أجاب...
إن السلوك الانتحاري هو: سلسلة الأفعال التي يقوم بها الفرد محاولاً من خلالها تدمير حياته بنفسه دونما تحريض من آخر أو تضحية لقيمة اجتماعية ما. ولذلك يعتبر من الصعب جداً وضع أسباب محددة للانتحار، فكل الدراسات القديمة والحديثة اجتمعت على تضافر العوامل النفسية والاجتماعية والبيولوجية فيما بينها لحدوث الفعل الانتحاري. وفي العادة يسبق الانتحار علامات إنذار، ولكن أحداً لا ينتبه إليها أو يدرك مدى خطورتها وتوجد فترة حضانة لفكرة الانتحار قد تبلغ ثلاثة أشهر أو أكثر. وهذه سمة عامة وجدت عند أصحاب مرض الاكتئاب النفسي.
مَن هو المنتحر وما هو أسلوبه؟
تزيد معدلات الانتحار مع تقدّم السن، وفي الرجال أكثر من النساء وعند غير المتزوجين وخصوصاً الأرامل والمطلقين، حيث إن الزواج وإنجاب الأطفال من العوامل التي تحدّ من الإقدام على الانتحار، كما تزيد في الأشخاص الذين قاموا قبل ذلك بمحاولات لإيذاء النفس سواء بطريقة جادة أو لمجرد لفت الانتباه، كما أنها تزداد في الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية.
ومن أكثر الأساليب انتشاراً عند الرجال هي استخدام الأسلحة النارية والشنق والقفز من أماكن مرتفعة، أما عند المرأة فأكثر الأساليب استخداماً هو تناول جرعات زائدة من الأدوية المنومة أو المهدئة أو في تناول السموم.
الانتحار في فلسطين
ولحسن الحظ ومع كل الظروف الصعبة والوضع اللامتناهي من الضغوط في جميع الأصعدة وأهمها: الفقر، وفقد المأوى، والبطالة، والعنف السياسي- وكل ذلك في ظل الاحتلال – تبقى ظاهرة الانتحار بعيدة عن المجتمع الفلسطيني، رغم أنه يعيش يومياً حوادث الموت، ولكننا نلمح بعض الحالات التي هزّت المجتمع الفلسطيني، وقضّت مضاجع أهله فكانت الحادثة المشهورة في مدينة طولكرم التي راح ضحيتها تاجر لم يتمكن من سداد دينه، وقبله بسنوات العاطل عن العمل قاتل أبنائه حرقاً الذي حاول الانتحار بعدهم، ولكن محاولته باءت بالفشل ليبقى متجرعاً حسراته عليهم.
ومع اللقاء مع الشيخ:::المطلق ...
موقف الإسلام من الانتحار؟؟؟؟
من المعروف لدينا رفض الدين لهذا الفعل الشنيع، ومن يقدِم عليه يخالف أمر الله تعالى ويعرّض نفسه لعقاب أليم، قال تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً" ( سورة النساء 29-30)، والمسلم ممنوع شرعاً من مجرد المجازفة بحياته دون سبب وجيه "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ( سورة البقرة 195) فما بالكم بمن يعمل على إنهاء هذه الحياة؟
لقد أجرينا لقاءً صحفياً مع المفتي الشيخ عمار بدوي فأجاب على هذا السؤال قائلاً: "إن جزاءه جهنم خالداً مخلّداً فيها". وأضاف أن حكم الانتحار في الشرع الإسلامي هو: حرام، ويعتبر كبيرة من الكبائر.
وقد سألت ام انتحر لديها ابن؟؟؟
أين يكمن الحل؟
انه الوازع الديني لا ريب .. لقد اهتم علماء الطب النفسي بتأثير الإيمان بالله في مواجهة الصعاب والمصائب والتخفيف من تأثير الصدمات النفسية والإحباط المرحلي، كما أن الشريعة وتوجيهاتها في مجالات الحياة اليومية والمعاملات تضمن للإنسان معرفة حقوقه وواجباته، وتنظيم الحياة بما يضمن التعاون والتكافل.
من ناحية أخرى فضعف الوازع الديني سبب أساسي في بعض الاضطرابات النفسية والسلوكية مثل: الإدمان على الكحول، والمخدرات، والاضطرابات الشخصية المنحرفة المضادة للمجتمع بأنواع السلوك الإجرامي مثل: الكذب والغش والنفاق والاغتصاب والاختلاس.
ورأي في هذا الموضوع.....
ان من يعمل عمل يغضب رب العباد ....
فإنه يلجأ إلى هذه الطريقه...
كلمة أخيرة
إن الصبر على عظائم الأمور هو انتصار للحياة، وحين تشتد الأزمات تكون مقياساً للمؤمن الصادق. فالمسلم الحق لا يمكن بحال من الأحوال أن يُقدم على الانتحار لأنه في كل أوقاته خيرها وشرها، وحلوها ومرها، سيتكل على الله ويتقبّل المصيبة على أنها ابتلاء لتمحيص إيمانه وإظهار صبره ورضاه.
وها هو حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته مصيبة صبر، فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له".